اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 352
وَبالجملة ما نَرى لَكُمْ ايها السفلة الأراذل تابعا ومتبوعا عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ زيادة في العقل والمال والجاه والثروة والرياسة حتى نتبعكم ونقبل منكم قولكم بَلْ ما نَظُنُّكُمْ ونعتقدكم الا كاذِبِينَ في دعويكم مفترين فيها طالبين الرياسة والثروة بسببها بلا اظهار معجزة وبينة واضحة
قالَ نوح متحسرا آيسا منهم قنوطا عن ايمانهم بعد ما سمع منهم ما سمع يا قَوْمِ أضافهم مع غاية يأسه بمقتضى شفقة النبوة أَرَأَيْتُمْ أخبروني إِنْ كُنْتُ قد جئت لكم عَلى بَيِّنَةٍ واضحة دالة على صدقى في دعواي نازلة على مِنْ رَبِّي لتأييدى وتصديقى وَمع ذلك قد آتانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ سبحانه تفضلا وامتنانا مشعرة بنجابتى وطهارتى وصدقى في قولي وتذكيري فَعُمِّيَتْ فخفيت واشتبهت عَلَيْكُمْ الدلائل والشواهد مع وضوحها وسطوعها أَنُلْزِمُكُمُوها بها وَالحال انه أَنْتُمْ لَها كارِهُونَ تكرهون لها غير ملتفتين إليها ولا متأملين فيها ولا في إشاراتها ورموزاتها
وَيا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ اى على تبليغى وإرشادي إياكم وهدايتي لكم مالًا جعلا واجرا بل إِنْ أَجرِيَ وما جعلى إِلَّا عَلَى اللَّهِ الذي قد أمرني به وبعثني لتبليغه وَان أردتم ان اطرد من معى من المؤمنين فاعلموا انى ما أَنَا بِطارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا وليس في وسعى وطاقتي ان اطردهم وكيف اطردهم إِنَّهُمْ من كمال سعادتهم وصلاحهم مُلاقُوا رَبِّهِمْ الذي قد وفقهم على الايمان والهداية فيخاصم سبحانه مع طاردهم البتة وينتقم عنه لأجلهم وَلكِنِّي أَراكُمْ من خباثة بواطنكم وقساوة قلوبكم قَوْماً تَجْهَلُونَ وتنكرون لقاء الله ولا تعتقدون بحوله وقوته واعانته للمظلوم وانتقامه على الظالم الطارد
وَيا قَوْمِ المكابرين المعاندين في طلب طرد المؤمنين مَنْ يَنْصُرُنِي ويدفع عنى مَنْ حلول عذاب اللَّهِ وبطشه وانتقامه على إِنْ طَرَدْتُهُمْ ابتغاء مرضاتكم ومواساة لكم بلا وحى وارد من قبل الحق واذن نازل من عنده أَفَلا تَذَكَّرُونَ ايها المجبولون على العقل المفاض المستلزم للتوحيد والعرفان لينكشف عندكم وتعرفوا عاقبة التماسكم طرد المؤمنين وتوفيقكم عليه
وَيا قوم لا أَقُولُ لَكُمْ مدعيا بعدم طردهم وابعادهم عِنْدِي خَزائِنُ اللَّهِ فاغنيهم بها لذلك لم اطردهم وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ اى انا لا ادعى الاطلاع على غيوب أحوالهم في عواقبهم ومآلهم حتى يكون سبب ودادي لهم وَايضا لا أَقُولُ لكم مباهاة ومفاخرة إِنِّي مَلَكٌ حتى تقولوا ما أنت الا بشر مثلنا وَلا أَقُولُ ايضا لِلَّذِينَ اى للمؤمنين الذين تَزْدَرِي وتستحقرهم أَعْيُنُكُمْ يعنى قد استرذلتموهم وتقولون في حقهم ما نريك اتبعك الا الذين هم أراذلنا بادى الرأى لَنْ يُؤْتِيَهُمُ ولن يعطيهم اللَّهُ خَيْراً ابدا لا في الدنيا ولا في الآخرة إذ حالهم ومآلهم وعواقب أمورهم من جملة الغيوب التي قد استأثر الله بها ولم يطلعني عليها بل اللَّهُ أَعْلَمُ بِما فِي أَنْفُسِهِمْ من الإخلاص والرضاء وبالجملة مالي علم بأحوالهم الا بوحي الله والهامه ولم يوح الى شيء منها وان تفوهت عنهم وعن أحوالهم بلا وحى إِنِّي إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ المجترئين على الله في ادعاء الاطلاع على غيبه رجما به وتخمينا وبعد ما سمعوا من نوح عليه السّلام ما سمعوا
قالُوا من فرط عتوهم وعنادهم يا نُوحُ نادوه استهانة واستحقارا قَدْ جادَلْتَنا وخاصمت معنا بالمقدمات الكاذبة الواهية الوهمية فَأَكْثَرْتَ علينا جِدالَنا وبالغت فيها وتماديت فَأْتِنا ايها المكثر المفرط بِما تَعِدُنا من العذاب فانا لن نؤمن بك ابدا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ في دعواك وبعد ما سمع
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 352